الخميس, سبتمبر 19, 2024
الرئيسيةصحافةصحافة مكتوبةماذا سيقول ابناء القرن القادم عن ما ننشره في وسائل التواصل اليوم؟

ماذا سيقول ابناء القرن القادم عن ما ننشره في وسائل التواصل اليوم؟

من الإنصاف أن نقر بأن أحد الجوانب الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها هو إطلاقها العنان لكثير من الطاقات المدفونة في كافة مناحي الحياة من الفن إلى الأدب إلى الإعلام واللائحة تطول.
ولكن هذا الجانب الإيجابي يحمل في طياته أيضا خطر توفر منصات مجانية ومتاحة لكل من يستحق ولا يستحق وغزو شامل للوعي البشري بالغث والسمين بلا حسيب ولا رقيب.
وبما أنه من شبه المستحيل تفعيل ضوابط للتعامل مع كل ما ينشر على وسائل التواصل، قد يكون من المفيد أن يكون كل منّا هو ذاك الرقيب أو رئيس التحرير الذي يراقب ويقيّم كل معلومة وفقا لضوابط محددة لا تقبل الزيادة ولا النقصان قبل أن يعتمدها.
المشكلة أن البعض ليس لديه القدرة أو الرغبة أو الاهتمام في التمحيص في كل ما يقع في طريقه من معلومات على وسائل التواصل، ولكن ذلك لا يمنعه من نشرها وهنا تكمن المشكلة، فهؤلاء يشاركون الخطأ وينشرونه بشكل مكثف.
الصور المرفقة هي من برنامج على الفيسبوك يرتكب في جميع حلقاته تقريبا أخطاء معلوماتية بالجملة، ورغم ذلك يتابعه مئات الآلاف إن لم يكن الملايين وعلى أكثر من منصة.
الحلقة التي نحن بصددها اليوم حققت أكثر من 8 مليون مشاهدة رغم أنها مليئة بالأخطاء المعلوماتية الواضحة والتي سنبينها فيما يلي:
1- خطأ معلوماتي في الصورة التي تحمل نصاً يقول “حسن البكر” وهي تشير إلى رئيس عراقي راحل ولكن الاسم الصحيح هو  “أحمد حسن البكر” وليس “حسن البكر”.
2- خطأ معلوماتي في الصورة الثانية، حيث يقول النص “14 يوليو 1963” في إشارة إلى انقلاب عام 1963 في العراق والذي لم يحدث في التاريخ المذكور بل وقع في 8 فبراير/شباط عام 1963.
3- الحلقة نفسها ادعت أن صدام حسين أعدم 22 شخصا على الهواء فيما يعرف باسم “أحداث قاعة الخُلد”، بينما ما حدث فعلا ولا يزال التسجيل الأصلي موجوداً في أرشيف القنوات التلفزيونية في كافة أنحاء العالم، أن صدام كشف -خلال مؤتمر لحزب البعث الحاكم آنذاك- ما أسماه “مؤامرة ضده بتدبير سوري”، وأذيعت اسماء 68 متهماً من أعضاء الحزب واقتيدوا إلى السجن من الجلسة التي أمر صدام بتسجيلها ولم تكن على الهواء.
بعد ذلك بأسابيع صدرت أحكاماً بالإعدام على 22 متهما منهم بينما قبع الباقي في السجون لفترات مختلفة.
اخترنا هذه الحالة التي هي غيض من فيض للحديث عنها لأن شهودها ما زالوا أحياء ورغم ذلك هناك من لم يجد حرجاً في رواية تختلف عن الحقيقة، فكيف سيكون الحال عندما يشاهد الناس بعد مائة سنة ما يقال اليوم من مغالطات؟ من الذي سيشهد بالحق بعد رحيل الشهود؟
من المؤسف أن نكتب عن هذا الموضوع ولا نقدم حلاً للمعضلة حيث أن الحل سيكون بمثابة المعجزة وجميعنا يعلم أن عصر المعجزات انتهى، لذلك ربما لا يكون من المبالغة القول، أننا نشهد أكبر عملية لتزوير تاريخ العالم في التاريخ الإنساني!

المادة السابقة
المقالة القادمة
مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

احدث التعليقات