من الملاحظ أن هناك قصورا واضحا في الاهتمام بمسألة الحقوق الأدبية والفكرية في العالم العربي بشكل عام، حيث تسود فوضى عارمة في هذا المجال لا تخطئها العين.
ومن المفارقة أن هذه القضية كانت قضية محورية في الأدب والثقافة العربية منذ القدم، ففي فترة ما قبل الإسلام كانت سرقة الشعر تعدّ من أبشع الجرائم التي تمس شرفة وسمعة المرء.
وفي العصر العباسي كان أعلام الأدب والشعر يراعون مسألة الحقوق مراعاة واضحة مثل ابن النديم رائد التوثيق، وابن منظور صاحب قاموس “لسان العرب” ورائد التحرير الصحفي.
أما اليوم فنلاحظ أن وسائل الاعلام العربية ومستخدمي وسائل التواصل العرب لا يجدون حرجا في استخدام مواد صورية وفيلمية ومعلوماتية في موادهم من دون الرجوع للشخص الذي يملك حقوقها.
إن المادة الفيلمية والصورية تنتج بعد تظافر عناصر عديدة مثل استخدام أشخاص من ذوي الموهبة ودفع أجور لهم وأدوات تصوير وإنتاج غالية الثمن، أي أن المادة الفيلمية والصورية مادة لها ثمن شأنها شأن أي سلعة.
وشرعاً وعرفاً، فإن استخدام أي شيء من دون إذن صاحبه هو سرقة، إلا أن الغريب في الأمر أننا نجد آلاف المواد الفيلمية والصورية تستخدم في صناعة مواد دينية الطابع وتتحدث عن الحلال والحرام.
ولا يقتصر الأمر على حقوق الملكية الفكرية للمواد الإبداعية، بل يمتد حتى للحقوق الأدبية، فتجد وسائل الإعلام الغربية مثلا تكتب اسم المصور على أي صورة تستخدمها لأنه حق أدبي، في حين أن وسائل الإعلام العربية لا تعير لذلك بالاً.
ربما يكون موضوع الحقوق الأدبية والفكرية من الأمور المستجدة على العالم العربي الذي تأخر أكثر منذ عقد من الزمن عن ركب الإنترنت واستخداماتها، إلا أن الانتشار الواسع لجميع استخدامات الإنترنت في العالم العربي يؤكد أن الوقت قد حان بلا شك للحاق بالركب.
وعلى مستوى الجمهور، هناك الكثير من الممارسات الخاطئة التي يقوم بها الجمهور العربي وكذلك غير العربي تجاه صنّاع المحتوى بشكل عام وأصحاب الحقوق الملكية والفكرية للمواد الفنية، وربما من دون قصد، ولكن هذا لا يعفي من المسؤولية بحسب القاعدة القانونية.
إحدى تلك الممارسات مثلا أن ينزل أحدهم فيديو على “تيك توك” ثم يشرع بإرساله بواسطة بواسطة واتس آب أو أي تطبيق آخر بشكل مستقل ويجري تداوله آلاف المرات وبالنتيجة فصاحب الفيديو الذي أنتجه وبذل مالا وجهدا ووقتا حتى أكمله قد أُهمل تماما وربما سُلب رزقه لأن الكثير من منتجي المواد الفيلمية والصورية يتخذونها مهنة لهم يسترزقون من ورائها.