الخميس, سبتمبر 19, 2024
الرئيسيةصحافةصحافة مرئيةهل يجب أن يكون مقدم البرامج الحوارية موسوعي المعرفة؟

هل يجب أن يكون مقدم البرامج الحوارية موسوعي المعرفة؟

في عالم الإعلام المرئي، يعتبر فوز مذيع ما بتقديم برنامج حواري خاص به فوزاً عظيماً لأنه يكرس اسمه ونجوميته ويتيح له مقابلة شخصيات لها شأن في الحياة العامة، بالإضافة لمزايا أخرى كثيرة تضفي على المذيع مكانة اجتماعية وربما تمنحه سلطة في بعض الأحيان.

إلا أن هذا الفوز قد يكون له تبعات سلبية أيضا، حيث أن هذا النوع من البرامج يتطلب عملاً على مدار الساعة في مجال البحث واختيار الضيوف ومن ثم دراسة حياة الضيوف المهنية وتحليل انتاجهم المهني وربما في بعض الأحيان يتداخل مع بعض الضيوف المهني مع الشخصي.

وتكمن صعوبة العمل في هذه البرامج في تنوع خلفيات الضيوف كأن تكون سياسية أو فنية أو ثقافية الخ من التخصصات وهذا الأمر يتطلب من المذيع وفريقه معرفة موسوعية وهو أمر لا يتوفر في كثير من الناس.

فراس السواح من الكُتّاب المثيرين للجدل ونصف ساعة تلفزيونيةغير مناسبة لمناقشة المحاور التي يثيرها

وفي مقطع الفيديو المرفق في نهاية التقرير والذي هو جزء من برنامج حواري على “قناة سكاي نيوز عربية” مع الكاتب السوري فراس السواح نرى ما ما ورد أعلاه يتجسد أمامنا، فالسيد فراس لا يؤمن بالتراث الإسلامي بشكل عام ولا يؤمن بالحديث الشريف ويتطرق في كتاباته إلى علم الإنسان (الأنثروبولوجي) ونشأة الأديان، وهذا بلا شك يتطلب محاوراً من نوع خاص.

لا شك أن الحوار مع شخص لديه خلفية السيد فراس يجب أن يديره شخص له دراية واهتمام بالأديان وعلم اللاهوت والتاريخ وعلم الإنسان ولا يكفي بأي شكل من الأشكال أن يقوم المحاور بقراءة بعض الصفحات على الانترنت وتفحص نتائج بحث غوغل ولهذا السبب كانت الحلقة المذكورة مليئة بالهفوات ومنها ما يلي:

1-في المقطع الأول من الفيديو المرفق، يتحدث السيد فراس عن عدم رضاه عن تفاسير القرآن الموجودة ويريد رمي نصفها “في القمامة”، فما كان من الزميلة المذيعة إلا أن ردت رداً يدل على أنها تعتقد بأن البخاري ومسلم هم من مفسري القرآن الكريم،  وهي بلا شك هفوة تدل على أنها لم تكن مهيأة تماماً للخوض في نقاش حول الموضوع.

مثل هذه الهفوات لا يمكن تجنبها عن طريق ما يسمى في لغة البرامج التلفزيونية “التحضير للحلقة”، فعندما يصبح الموضوع متخصصاً بشكل عميق وحساس بالنسبة للغالبية الساحقة في العالمين العربي والإسلامي، يجب أن يكون المحاور من طراز خاص وعلى أعلى درجة من درجات الحذر.

ولأجل الإنصاف فإن المذيعين يتعرضون أحياناً لضغوط من القناة التي يعملون بها ونتيجة لسياسة تقليص المصاريف فقد يلقى على أكتافهم كم من العمل يفوق الحد المعقول الذي يضمن أداءً مرضيا، وقد يكون الفيديو المرفق والحلقة المذكورة أحد نتائج السياسات المالية التقشفية للوسائل الإعلامية.

2- بعض الأسئلة التي وجّهتها الزميلة المذيعة للسيد السواح يتضح جليا أن هناك توافقا مع آرائه وأفكاره، ولا نعلم إن كان ذلك التوافق نابعاً من قناعات الزميلة المذيعة أم أنها سياسة تحريرية للقناة، ومهما يكن من أمر فلم يكن من الصواب إظهار ذلك التوافق بهذا الشكل الجليّ.

من المعلوم أن المذيع والصحفي هو في النهاية إنسان ولديه قناعات وأهداف وتوجهات ولا بأس في ذلك، ولكن ذلك لا يجب أن يكون على حساب الموضوعية التي يجب أن تكون أول الأولويات لأي صحفي. ربما من الصعب أن يكون المرء محايداً، ولكن لا شك يمكنه أن يكون موضوعياً.

وكما نشاهد في المقطع الثاني من الفيديو المرفق فإن الزميلة المذيعة توجه سؤالا يتطابق ويتماشى مع أفكار الضيف وهو أمر مستهجن ويخالف أبسط القواعد الإعلامية التي تقضي بأن نتحدى أفكار الضيف وان لا نشعره بأننا نمنحه منصة مجانية وأنه موجود للدفاع عن نفسه وليس للدعاية لنفسه ولأفكاره.

وقد ادعت المُقدِمة أن هناك من يقدم الحديث الشريف على القرآن وهو ادعاء خطير إلا أنها لم تقدم ولو مثالاً واحدا يثبت ادعائها، فلا يعلم المشاهد ما المقصود بذلك الادعاء بالضبط، فقد وضعت أصول المهنة خصيصا لضبط الإيقاع ولو ساقت مثالاً واحداً لصبّ في تعزيز ادعائها.

وقد يقول قائل أن الادعاء كان بمثابة سؤال للضيف وليس في سياق إثبات حقيقة، والجواب علة ذلك هو: وإن يكن كذلك، فعلى مقدم السؤال أن يثبت أن فحوى سؤاله يستند لحالة واقعية وإلا فما الداعي لتوجيه سؤاله أصلا!

3- من يشاهد الحلقة محل النقاش سيرى أن الزميلة المذيعة تقاطع الضيف في الدقيقة 6 و33 ثانية قائلة “برنامجنا سريع الوتيرة” وفي الدقيقة 11 و3 ثواني تقول “نستكمل هذا الحديث الشيق معك حتى لو كان حديثاً مختصراً وسريعاً”، وهنا يتساءل المرء، ما هي الضرورة القصوى لحشر موضوع ضخم ومصيري في برنامج “سريع الوتيرة”؟

فسواء اتفقنا مع أفكار الكاتب فراس السواح أم اختلفنا، من العدل أن نعترف أن الرجل كرس حياته كلها للبحث وله انتاج ضخم وفي مواضيع حساسة، فهل من الحكمة استضافته واستثارة آرائه الجدلية في برنامج ينتهي قبل أن ينهي المرء قهوته؟

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

احدث التعليقات