الخميس, سبتمبر 19, 2024
الرئيسيةصحافةصحافة مكتوبةكتاب جديد يحيي ذكرى "المجزرة المنسية"

كتاب جديد يحيي ذكرى “المجزرة المنسية”

مذبحة الخمس وخمسين ألف قذيفة

في السياسة الدولية وعندما يتعلق الأمر باستباحة دماء وأعراض المدنيين من قبل القوي، تتناسب الوحشية والحضور الإعلامي تناسباً طرديا، أي كل ما زادت الوحشية في القتل زاد معها التعتيم الإعلامي وزاد معها الجهد لطمس حضور الحدث المقصود في الذاكرة الجمعية للمجتمع.

ومذبحة تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين في لبنان هو خير مثال، حيث تثبت الوقائع أن ما جرى في ذلك المخيم بين عامي 1975 و 1976 يتعدى حدود الصراع السياسي المعروف لأنه لم يقتصر على مجرد الاقتتال من أجل مكاسب سياسية بل تعدى ذلك ليشمل جرائم ضد المدنيين قد يستنكف منها إنسان الغاب الأول.

جرت أحداث الاعتداء على سكان مخيم تل الزعتر أثناء الحرب الأهلية اللبنانية وشاركت فيها ميلشيات لبنانية مسيحية أبرزها “حزب الكتائب” بالتحالف مع الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد الذي لاقى دوره في المذبحة انتقادات عربية شديدة على المستويين الحكومي والشعبي.

ورغم الممارسات التي مورست في تلك المذبحة من تجويع متعمد للنساء والأطفال وقتل مدنيين عزل بأساليب يندى لها الجبين والتقارير التي تثبت سقوط أكثر من 55 ألف قذيفة مدفع وهاون على المخيم إلا أن الحادث قلما يذكر وبات حيّا في ذاكرة شريحة محدودة جداً.

إضاءة جديدة
إلا أن المكتبة العربية سجلت مؤخراً إصدار كتاب من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يحيي ذكرى ما جرى في مخيم تل الزعتر وهو من تأليف الصحفي الفلسطيني محمد داود العلي الذي كانت عائلته تسكن المخيم وكان هو بنفسه شاهدا على فصول كثيرة من الحرب الأهلية اللبنانية.

الكاتب العلي وثّق شهادات أكثر من 30 شخصية من سكان مخيم تل الزعتر

وقد أجرى موقع صحافة اتصالا مع الكاتب وسأله عن كواليس ومراحل إصدار الكتاب الذي استغرق العمل عليه حوالي ست سنوات استغلها الكاتب في جمع وتحليل المعلومات والوثائق التي جمعها من مصادر بحثية متعددة عربية ودولية.

وقد ضم الكتاب في أجزاء كثيرة منه شهادات شخصية لعشرات الشهود العيان الذين كانوا في المخيم وقت الأحداث والذين لم يسمع صوتهم طوال العقود الماضية وقد حرص الكاتب على أن ترى شهاداتهم النور، بالإضافة لمعلومات من “رابطة أهالي مخيم تل الزعتر”.

يقول الكاتب العلي “بعض ممن وردت أسماءهم في الكتاب أعرفهم شخصيا. فجزء من الكتاب يقوم على تدوين الشهادات وقد سجلت أكثر من 30 شهادة شخصية إضافة إلى المقابلات. أبرز ضيوف الكتاب هم أناس عاديون مثل صباح مصطفى. فكلما قرأت مقطع محدد من شهادتها، تطفر الدمعة في عيني”.

ومن الفصول الماساوية لأحداث مخيم تل الزعتر وبحسب مرصد حقوق الإنسان الأوروبي المتوسطي فإن 80 جثة فقط وجدت في المخيم وأن بعض أهالي المخيم اضطروا وقتها لدفع رشى لتسلم جثث أبنائهم من قاتليهم ولا يزال مصير الآلاف مجهولا ليومنا هذا رغم مضي أكثر من أربعة عقود.

وسائل التواصل
وفي رده على سؤال حول هدفه من نشر الكتاب في هذا التوقيت قال الكاتب محمد داود العلي “لدي هدفان: أولهما تقديم رواية متكاملة وموضوعية عن أحداث مخيم تل الزعتر، والثاني إحياء ملف مفقوديه الذين لم يظهر لهم أثر منذ 12 آب عام 1976”.

ويستطرد الكاتب بالقول أن أحد أهداف الكتاب هو توجيه رسالة للشباب العربي لتشجيعه على قراءة الكتب بعد أن  أصبح يعتمد بشكل متزايد على معلومات وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية التي تفتقر للشروط الموضوعية لتكون مصادر معلومات.

يذكر أن الكاتب هو صحفي في موقع الجزيرة نت وعمله اليومي هو التعامل مع الأخبار وفي معرض رده على سؤال حول الدروس المستقاة من أحداث تل الزعتر قال “استفدت كثيرا على الصعيد المهني، لأن الكتاب أتاح لي فرصة الفصل بين مهنتي الصحافة والبحث العلمي”.

“فعندما بدأت الكتابة اتبعت منهج السرد الصحفي متأثرا بعملي اليومي، وكتبت فصلين من 21 ألف كلمة، ليتبين لي بعد استشارة باحث مخضرم وصديق أثق في رأيه، أن المنهج لا يتناسب مع موضوع تل الزعتر. فألقيت النص في سلة المهملات وبدأت الكتابة من جديد بناء على خطة جديدة، وعلى فرضية محددة، فكان الخيار الثاني هو الأصوب”.

يذكر أن هذا هو الكتاب الرابع للكاتب محمد داود العلي الحاصل على الدكتوراه في الصحافة من جامعة صوفيا في بلغاريا وكان كتابه الأول هو “أوراسيا” الذي رصد فيه أزمات البلقان ودول الاتحاد السوفياتي سابقا” وضم مقالات له نشرت في عدة صحف عربية بين أعوام 1994 و2000.

 

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

احدث التعليقات