الخميس, سبتمبر 19, 2024
الرئيسيةصحافةصحافة مرئيةبكين أم بيجين.. واشنطن أم واشنتن

بكين أم بيجين.. واشنطن أم واشنتن

هل يصح تقليد الأجنبي في طريقة نطقه للكلمات؟

عام 2008 صدر توجيه داخلي من هيئة تحرير قناة الجزيرة يطلب من الصحفيين جميعا استخدام لفظ “بيجين” بدلا من اللفظ الشائع “بكين” للإشارة للعاصمة الصينية، وأوضح التوجيه أن الصينيين ينطقون اسم عاصمتهم بهذا الشكل وعليه يجب اعتماد طريقة نطقهم.

من جهة أخرى، لوحظ أن الكثير من الصحفيين العرب المقيمين أو الذين يعملون في مكاتب صحفية عربية في العاصمة الأميركية ينطقون اسمها “واشنتن” وليس “واشنطن” كما هو دارج في الصحافة العربية وتبريرهم أن الأميركيين يلفظونها بهذا الشكل.

وقد يكون من المنطقي أن نفترض أن الصحفيين الذين يقومون بهذه الممارسة يعتقدون بأنهم يقومون بعمل صحفي سليم، وهذا يجرنا إلى السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يصح تقليد الأجنبي في طريقة نطقه  للكلمات؟

الجواب المباشر هو لا في الغالب، والسبب أن المتحدثين لأي لغة من حقهم أن يستنبطوا ألفاظاً للأسماء الأجنبية تتناسب مع طريقة نطقهم وتكوين النظام الصوتي لديهم والسبب المنطقي لهذا الافتراض هو أنه لا يوجد لغة على وجه الأرض تحتوي على جميع الأصوات التي يستطيع الإنسان تأديتها.

ولو سلمنا بأنه من الصحيح أن نلفظ أسماء المدن كما يلفظها أهلها فمن الطبيعي أن يشمل ذلك الأسماء العربية، فهل سنستطيع أن نطلب من الصحفي الأميركي مثلا أن لا يقول “ألجيريا Algeria” وأن يقول “الجزائر” بدلا من ذلك لأن أهل الجزائر والعرب جميعهم يلفظونها هكذا؟ الجواب هو: قطعا لا.

أما في أسماء كالعراق مثلا، فإنه من غير المنطقي أن نطلب من أي صحفي أجنبي أن يقول “العراق” بدلا من “إراك” لأن حرف القاف غير موجود أصلا في لغات كثيرة ونفس الشيء ينطبق على اسم القاهرة وبغداد ودمشق بنغازي وغيرها الكثير من الأسماء الشرقية التي تحتوي على أصوات غير موجودة في لغات أجنبية كثيرة.

وبالإضافة إلى موضوع البناء العضوي، هناك بعد ديني عندما يتعلق الأمر بالصحفيين الغربيين، الذين ينحدرون بغالبيتهم من خلفيات مسيحية والكثير من أسماء المدن والبلدان العربية التي يستخدمونها مأخوذة من الترجمات الإنجيلية ولن يقبلوا تبديلها باسماء اخرى.

وبالعودة إلى الصحفي العربي، فمن غير الواضح لماذا تقوم بعض الوسائل الإعلامية العربية باعتماد لفظ لاسم مدينة ما طبقا لطريقة لفظ أهلها دونا عن الباقي، فإذا أردنا أن نغير لفظ “بكين” إلى “بيجين” فلماذا لم نغير أسماء مدن أخرى مثل “باريس” التي يلفظها أهلها “باغي” و”بودابست” التي يلفظها أهلها “بودابيشت” وغيرها الكثير، ناهيك عن حرف “P” غير الموجود في العربية أصلا.

وعليه ربما من المنطقي القول أن الصحفي العربي من حقه أن يقول “واشنطن” ومن حق الصحفي الأميركي أن يقول “تريبولي” بدلا من “طرابلس”، وأخيرا وليس آخرا فإن القاعدة الصحفية العامة في مجال الألفاظ والأسماء تقول “خطأ مشهور أفضل من صحيح مهجور”.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

احدث التعليقات