الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Google search engine
الرئيسيةأدب ولغةلمن الأولوية في الترجمة، للمعنى أم للنص؟

لمن الأولوية في الترجمة، للمعنى أم للنص؟

يواجه المترجم العربي بشكل مستمر مشكلة “الأمانة العلمية” التي غالبا ما تفهم وتفسر على أنها نقل كل كلمة بأمانة، ولكن التجربة أثبتت أن الالتزام الحرفي بالنص ينتج عنه عدة نتائج سلبية على أكثر من مستوى.

إن الالتزام بالمعنى الحرفي لكل كلمة عند النقل من اللغات الأجنبية للعربية ينتج عنه في حالات كثيرة خلل في نقل المعنى الحقيقي للفكرة، وبالتالي قصور في فهم المتلقي للفكرة الأصلية.

والأهم من هذا وذاك، أن النقل الحرفي في أحيان كثيرة ينتج عنه إدخال عبارات مشوهة للغة العربية وإحداث خلل في منطق الفهم الذي تبنى عليه، ويتجلى خطر ذلك في تشويه سليقة المتحدث بالعربية.

ومن الأمثلة على ما تقدم عبارة “رمى به تحت الحافلة” لترجمة عبارة “to throw someone under the bus” و “قاتل متسلسل” لترجمة عبارة “serial killer” وغير ذلك أمثلة كثيرة.

العبارة الأولى المراد منها هو إلحاق الأذى بشخص ما، أو أن يتخلى شخص عن شخص آخر بطريقة تلحق به الأذى المادي أو المعنوي أو الجسدي، والثانية لتوصيف شخص ارتكب عدة جرائم قتل.

والسؤال هنا، هل الأمانة العلمية هي نقل المعنى القاموسي للكلمة الذي وفي أحيان كثيرة لا يلبي متطلبات النص، أم أن الأمانة العلمية هي أن نوصل الرسالة الأصلية والفكرة التي أريد للكلمات أن توصلها؟

دائما ما يواجه المترجم عبارة “خيانة النص” إن لم ينقل معاني الكلمات بشكل مفصل، ولكن ماذا عن الفكرة؟ ألا يعتبر القصور في إيصال الفكرة خيانة أمانة علمية؟

سؤال آخر يتبادر للذهن هنا، عندما وضعت القوانين المنظمة للحق الأدبي بشكل عام وضعت قوانين تجرم سرقة الفكرة ولكن لا يوجد قانون يجرم “سرقة كلمة قاموسية”!

نعتقد أن الوقت حان لإعادة النظر في مفهومنا للأمانة العلمية، أليس من الأسلم لغويا ومنطقيا أن نقول “ورّط فلان فلاناً” بدل أن نقول “رمى فلان فلاناً تحت الحافلة”، حيث أن الثانية لا تمت للعربية بصلة وليس هناك حاجة لإدخالها للغة أصلاً.

أما عبارة “Serial Killer” لوصف من يرتكب أكثر من جريمتي قتل، فعبارة “قاتل متسلسل” هي عبارة غريبة على اللغة العربية ولا داعي لاستخدامها لا سيما أن هناك مقابل عربي واضح وهو “سفّاح”.

مما لا شك فيه أن اللغات تستعير من بعضها البعض واللغة العربية ليست استثناء في ذلك، وهناك كلمات كثيرة دخلت عليها من لغات أخرى مثل “قسطاس” اليونانية الأصل، ولكن اللغة تستعير حصراً، عندما لا تملك مقابل، أما عندما يكون هناك مفردات كافية فما الداعي للاستعارة وعدم الاعتماد بل والاعتزاز بمفردات لغتنا، اللغة العربية!

 

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

احدث التعليقات