الخميس, سبتمبر 19, 2024
الرئيسيةآراءالزعماء المدخّنون

الزعماء المدخّنون

غاب عن القمة العربية الأخيرة في العاصمة البحرينية المنامة الزعماء العرب الأباطرة الذين ملأوا العالم العربي بالأمل لمستقبل ناهض لم نصل اليه نحن شعوبهم العربية المقهورة أبداً. أولئك الزعماء كانوا هم الشخصيات المركزية في كل مجريات التاريخ الحديث والمعاصر الذي مر في حياة العرب السياسية المعقدة وتاريخهم الحديث المضطرب ومستقبلهم الغامض.

لم يؤرخ أحد بشكل مفصل لهواياتهم لا رسميا ولا شعبيا، وغابت تفاصيل حياتهم الشخصية واهتمامتهم من رادارات المؤرخين والأدباء. لم يوثق أحد هواياتهم النافعة أو الضارة مثل التدخين وأنواع الشراب الذي كانوا يفضلون، وما هي الظروف النفسية أو الوقائع السياسية التي كانت تدفعهم لتلقف السيجارة أو السيجار الفاخر حتى في المناسبات الرسمية مثل مؤتمرات القمة العربية!

القذافي ينفخ دخان السيجارة في أحد مؤتمرات القمة

في قمم العرب السنوية كان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي دائما ما يستمتع بتدخين سيجارة في جلسات القمة وكان لديه تاريخ من العلاقات المتصدعة والمتوترة مع إخوانه القادة العرب الذين اختلف معهم كلهم تقريبا وحاول أو حلم بتنفيذ انقلابات ضدهم.

كان القذافي ثوريا ومحافظا على هدف الثورة الدائمة على زملائه الرؤساء ولعله كان يعتبر التدخين أثناء الاجتماعات رسالة لامبالاة بهم ولا اعتداد بهم أو لعله كان يريد تعكير مزاجهم لا أكثر!

من المؤكد ان الزعماء الذين دخنوا السيجارة او السيجار الثوري والأرستقراطي أثناء انعقاد جلسات القمم العربية إنما أرادوا تحسين المزاج وتخفيف الانفعال وبناء تفاعل آني ولحظي لإنضاج أفكار للرد على حديث زعيم آخر أو كانوا يدخنون فقط لحاجة نفسية ولدت فجأة للسيجارة او للتمتع بأبهة السيجار على حد تعبير الزعيم حسني مبارك عندما كان يتعلم أنواع وأصول السيجار الفاخر من الأستاذ المرحوم محمد حسنين هيكل الخبير الشرق أوسطي بهذا النوع من المنتجات التبغية.

للراحل هيكل قصص كثيرة مع زعيم العروبة المدخن الأكبر جمال عبد الناصر الذي كان أكثر زعماء العرب شراهة في التدخين فقد كان يدخن 60 سيجارة في اليوم الواحد، وهو الزعيم الذي أطاح بتعليمات كل الأطباء ورمى بها في نهر النيل ومن برج القاهرة وأعتقد أن القذافي خليفة عبد الناصر الافتراضي لزعامة العرب قد ورث من عبد الناصر هذه العادة.

أما الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين والراحل صدام حسين، فعلى العكس من زملائهم حيث آثرا السيجار الثوري الكوبي الأرستقراطي على السيجارة وتميزوا بذلك، وكان السيجار علامة في ظهورهما في المحافل الدولية وملازما لهما وقبل اتخاذ أي قرار كان لابد لهما من شفط سحابة دخان من السيجار كما كان يفعل عبد الناصر قبل وأثناء كتابة خطاب او التوقيع على قرار ما.

ومن غير المستبعد أن كل الزعماء المدخنين كانوا يعملون الحركة ذاتها من شفط الدخان اثناء كتابة الخطابات أو توقيع القرارات وخصوصا الصعبة منها، فقد ظهر صدام وبومدين كثيرا في مؤتمرات القمة وهم يشعلان وينفخان دخان السيجار.

صدام كان يدخن السيجار في مؤتمرات القمة

ولصدام قصة في ذلك، ففي مؤتمر القمة في المغرب عام 1985 وهو يهم بإشعال سيجاره نبهه وزير خارجيته آنذاك طارق عزيز لوجود لوحة على الطاولة كتب عليها “فضلا عدم التدخين” فما كان من صدام إلا أن قلب اللوحة على وجهها وقال “اللوحة تعني الرؤساء وليس العراق”.

أما الرئيس المصري الراحل أنور السادات فقد كان الزعيم العربي الوحيد الذي اختار لنفسه الغليون والذي هو موضة وهواية الفلاسفة والمفكرين وعلماء الغرب والمفضل في أوساط الطبقات الارستقراطية الغربية والسياسيين العالميين الكبار مثل ستالين روسيا وتشرشل بريطانيا ومن العلماء والعباقرة سيغموند فرويد وألبرت آينشتاين.

يبقى أن نشير إلى أن السيجار او السيجارة أو الغليون الذين كان يدخنه الزعماء كان بمثابة كابوس بالنسبة لأجهزة الأمن الرئاسية التي عادة ما تكلف بحماية أمن الزعماء ومنع محاولات الاغتيال التي قد تنفذ بحقهم حيث يتعين فحص وتتبع سلامة رحلة التبغ ونوعه من المصدر حتى يصل لفم الزعيم الذي يدخنه آمناً مطمئناً.

ومهما يكن من أمر، فمما لا شك فيه أن المدخنين أولئك كانوا سداً منيعا ضد العابثين بأمن أمتنا ومنذ أن رحلوا عن دنيانا تمزقت أوصال بلداننا وتشتتت شعوبنا وصارت تمخر عباب البحر وتعبر الصحاري الحارقة لتترك بلداننا المنهكة وتبحث عن مستقبل أفضل في مكان آخر.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر قراءة

احدث التعليقات