جرت العادة في وسائل الإعلام العربية والناطقة بالعربية أن تستخدم كلمة “مقاتلات” للإشارة إلى أي طائرة عسكرية تشارك في الحروب، وقد سمعنا وقرأنا هذا المصطلح مرات عديدة في اليومين الأخيرين في تناول وسائل الإعلام العربية للضربة الإسرائيلية ضد إيران.
فهل هذا المصطلح هو مصطلح صحيح ودقيق وهل يستخدم نفس المصطلح في وسائل الإعلام غير العربية أم يستخدم مصطلح آخر؟
وللوصول إلى الجواب الصحيح علينا أن نستعرض أنواع الطائرات الحربية وأسمائها وبعد ذلك نقيّم مدى صحة استخدام كلمة “مقاتلات”، ونبدأ هنا بمعلومة أساسية وهي أن الطائرات “المقاتلة” ليست سوى نوع من أنواع الطائرات الحربية المتعددة ومن أهم تلك الأنواع والتصنيفات هي:
1- الطائرات المقاتلة (Fighter Jets)- وهي طائرات مصممة بشكل رئيسي لفرض التفوق الجوي والتصدي للطائرات المعادية وتكون مزودة بذخائر جو-جو لهذا الغرض. كما أنها تتمتع بقدرة فائقة على المناورة تؤهلها للمراوغة والمطاردة في الجو.
وهذا يعني أنه من حيث المبدأ، الطائرات الحربية المقاتلة ليست مصممة للهجوم على الأهداف الأرضية ولا تنفذ مهام القصف الأرضي.
ومن الأمثلة على الطائرات المقاتلة التي تحظى بشهرة عالمية: أف-22 رابتور الأميركية أيضا وطائرة سوخوي-27 التي أنتجت أول مرة عام 1969 أيام الاتحاد السوفيتي السابق.
2- الطائرات القاصفة (Bomber) – وهي الطائرات الحربية المخصصة لاستهداف الأهداف الأرضية والبحرية وتكون عادة أقل قدرة على المناورة من الطائرات المقاتلة وخاصة عندما تكون في كامل حمولتها التي تبلغ أحيانا أطنان عديدة وتكون إما جو-أرض أو جو-بحر، ولذلك فإن الطائرات القاصفة تكون في حاجة لمرافقة الطائرات المقاتلة لها لتوفير الحماية الجوية في حال استهدافها من قبل طائرات العدو المقاتلة.
وعليه فإن المقاتلات والقاصفات تطير في تشكيلات جوية منظمة حيث تقوم الأولى بتوفير الحماية لكي تقوم الثانية بعملها بأمان.
ومن القاصفات التي نالت شهرة عالمية من خلال أدائها أو إمكاناتها الفنية العالية هي: بي-2 الأميركية الصنع الشهيرة باسم “الشبح” وطائرة أف-111 الأميركية كذلك والتي كان لها أدوار حيوية في جميع حروب الولايات المتحدة في العقود الثلاثة الأخيرة، بالإضافة إلى بعض القاصفات الروسية من طراز توبوليف مثل تي يو-22 وتي يو-160.
3- الطائرات المتعددة الأدوار (Multirole) – وهي كما يدل اسمها طائرات مقاتلة وقاصفة معاً وتكون ذات مواصفات فنية قياسية غير عادية وتقوم كل منها بكل ما تقدم أعلاه ومن أنواعها: أف-15 إي سترايك إيغل الأميركية وطائرة يوروفايتر تايفون الأوروبية الصنع.
4- الطائرات الهجومية ِ(Attack aircraft)- وهي طائرات مقاتلة عادة ما تستخدم لأغراض توفير الدعم والإسناد الجوي للقوات البرية في الميدان، وتعتبر الطائرة السوفييتية إليوشن-22 من الطائرات التي نالت شهرة واسعة في هذا المجال أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي العقود الأخيرة اشتهرت طائرة أي-10 ثندربولت 2 الأميركية الصنع في تأدية أدوار الإسناد الميداني.
5- طائرات عسكرية غير مقاتلة- وهي طائرات تقوم بمهام غير قتالية أو مهام لوجستية وإسناد جوي مثل المسح والمراقبة ونقل المظليين والإرضاع الجوي وغيرها من المهام. جدير بالإشارة إلى أن كثير من مهام هذا النوع من الطائرات يحتاج لخدمات الطائرات المقاتلة لتوفير الحماية أثناء تأدية الواجب.
وبالإضافة إلى الأنواع المذكورة أعلاه فهناك تصنيفات مهنية كثيرة وأكثر تفصيلا لعالم الطائرات الحربية، ولكننا كصحفيين فنحن في الغالب غير معنيين بالغوص في كل تلك التفاصيل عندما يتعلق الأمر بالأخبار ومن المقبول مهنيا الاكتفاء بالتصنيفات الرئيسية.
وبناءاً على ما تقدم فقد لا يكون استخدام كلمة “مقاتلات” خاطئاً تماماً إلا أنه أيضاً غير دقيق تماماً ومن الأصح والأدق استخدام مصطلح “طائرات حربية” وهو أيضا المصطلح الذي يستخدم في معظم وسائل الإعلام غير العربية وخاصة تلك الناطقة بالإنجليزية منها.